اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (82)

قوله تعالى : { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرا } الآية .

" قَلِيلاً " ، و " كَثِيراً " فيهما وجهان :

أظهرهما : أنَّهما منصوبان على المصدر ، أي : ضحكاً قليلاً وبكاءً كثيراً ؛ فحذف الموصوفَ ، وهو أحدُ المواضع المُطَّردِ فيها حذفُ الموصوف وإقامةُ الصفة مقامه .

والثاني : أنَّهما منصوبان على ظرفي الزمان ، أي : زماناً قليلاً ، وزماناً كثيراً والأول أولى ؛ لأنَّ الفعل يدلُّ على المصدر بشيئين : بلفظه ومعناه ، بخلاف ظرف الزمان فإنه لا يدلُّ عليه بلفظه ، بل بهيئته الخاصَّةِ .

وهذا وإن ورد بصيغة الأمر إلاَّ أنَّ معناه الإخبار بأنه ستحصل هذه الحالة ، لقوله تعالى بعده { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } .

قوله : " جَزَاءً " فيه وجهان :

الأول : قال الزَّجَّاج : إنَّه مفعولٌ لأجله ، أي : سبب الأمر بقلَّة الضَّحكِ ، وكثرة البكاء جزاؤهم بعملهم . و " بِمَا " متعلق ب " جزاء " ، لتعديته به ويجوز أن يتعلَّق بمحذوفٍ ؛ لأنَّه صفته .

والثاني : أن ينتصب على المصدر بفعلٍ مقدَّرٍ ، أي : يُجْزونَ جزاءً . { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } في الدنيا من النِّفاق .