اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

قوله تعالى : { استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } الآية .

قال ابنُ عبَّاسٍ : إنَّ عند نزول الآية في المنافقين ، قالوا : يا رسول الله ، استغفر لنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأسْتغفرُ لَكُمْ " ؛ فنزل قوله تعالى : { استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [ التوبة :80 ] لفظه أمر ، ومعناه خبر ، تقديره : استغفرت لهم ، أو لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم{[18001]} .

قال الضحاك : لما نزلت هذه الآية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد رخص لي فلأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم " فأنزل الله عز وجل { سواء عليهم أستغفرت أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } [ المنافقون : 6 ] { ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين }{[18002]} .

قوله : { سبعين مرة } منصوب على المصدر ، كقولك : ضربته عشرين ضربة ؛ فهو لعدد مراته وقوله : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } قد تقدَّم الكلام على هذا عند قوله : { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } [ التوبة : 53 ] ؛ وأنَّهُ نظيرُ قوله : [ الطويل ]

أسِيئِي بِنَا أوْ أحْسِني لا مُسِيئةٌ *** لدَينَا ولا مقليَّةٌ إنْ تقَلَّتِ{[18003]}


[18001]:ذكره الرازي في "تفسيره" (16/116).
[18002]:ذكره البغوي في "تفسيره" (2/315).
[18003]:تقدم.