اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٌ أَنۡ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَٰهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسۡتَـٔۡذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوۡلِ مِنۡهُمۡ وَقَالُواْ ذَرۡنَا نَكُن مَّعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ} (86)

قوله تعالى : { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ } الآية .

" إذَا " لا تقتضي تكراراً بوضعها ، وإن كان بعضُ النَّاسِ فهم ذلك منها هنا ، وقد تقدَّم ذلك أوَّل البقرة ؛ وأنشد عليه : [ البسيط ]

إذَا وَجَدْتُ أوَارَ الحُبِّ فِي كَبِدِي *** . . . {[18023]}

وأنَّ هذا إنَّما يُفهَمُ من القرائنِ ، لا منْ وضع " إذَا " .

قوله : " أَنْ آمِنُواْ " فيه وجهان :

أحدهما : أنَّها تفسيريةٌ ؛ لأنَّه فيه تقدَّمها ما هو بمعنى القول لا حروفه .

والثاني : أنَّها مصدريةٌ ، على حذف حر الجرّ ، أي : بأنْ آمنُوا .

وفي قوله : " استأذنك " التفاتٌ من غيْبَةٍ إلى خطابٍ ، وذلك أنَّهُ قد تقدَّم لفظُ " رسُوله " ، فلو جاء على الأصل لقيل : اسْتَأْذَنَهُ " .

فصل

اعلم أنَّهُ تعالى بيَّن في الآيات المتقدمة احتيال المنافقين في التَّخلف عن رسُول الله - عليه الصَّلاة والسَّلام - ، والقعود عن الغَزْوِ ، وزاد ههنا ، أنَّهُ متى نزلت أية فيها الأمر بالغزو مع الرسولِ ، استأذن أولو الثروة والقدرة منهم في التخلُّف عن الغزو ، وقالوا للرَّسُول عليه الصلاة والسلام : ذَرْنَا نكُن مع القاعدين ، أي : مع الضُّعفاء من النَّاس والسَّاكنين في البلد .

و " السُّورة " يجوزُ أن يراد تمامها وأن يراد بعضها ، كما يقع القرآن والكتاب على كلِّه وبعضه وقيل : المرادُ ب " السُّورة " براءة ؛ لأنَّ فيها الأمر بالإيمان والجهاد .


[18023]:تقدم.