تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{لَّوۡلَآ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ ظَنَّ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بِأَنفُسِهِمۡ خَيۡرٗا وَقَالُواْ هَٰذَآ إِفۡكٞ مُّبِينٞ} (12)

{ لولا } هلاّ { إذ سمعتموه } أي الإفك { بأنفسهم } ظن بعضهم ببعض ، أو ظنوا بعائشة - رضي الله تعالى عنها - كظنهم بأنفسهم { إفك مبين } كذب بيِّنٌ ، ولم يحد الرسول صلى الله عليه وسلم أحداً من أهل الإفك ؛ لأن الحد لا يقام إلا ببينة أو إقرار ولم ينفذ بإقامته بإخبار الله تعالى كما لا يقتل المنافق بإخباره بنفاقه ، أو حدَّ حسان وابن أُبي ومسطحاً وحمنة فيكون العذاب العظيم الحدُّ .

وقال فيهم بعض المسلمين :

لقد ذاق حسان الذي كان أهله *** وحمنة إذ قالوا هجيراً ومسطحُ

تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم *** وسخطة ذي العرش العظيم فأبرحوا وآذوا رسول الله فيها فَجُلِّلوا *** مَخازي تبقى عُمِّموها وفُضّحوا

كما ابن سلول ذاق في الحد خِزية *** كما خاض في قول من الإفك يفصح فصبت عليهم مُحصدات كأنها *** شآبيب مزن من ذُرى المزن تسفح

وقال حسان يعتذر من إفكه :

حصانٌ رزانٌ ما تُزَنُّ برِيَبةٍ *** وتُصبحُ غَرثَى من لحوم الغَوافِلِ

مطهرة قد طيب الله خلقها *** وطهرها من كل سوء وباطل

عقيلة حي من لؤي بن غالب *** كرام المساعي مجدهم غير زائل

فإن كنت قد قلت الذي قد أتاكم *** فلا رفعتْ سوطي إليّ أنامِلي

وكيف وَوُدّي ما حييتُ ونُصرتي *** لآل رسول الله زين المحافل

وإن الذي قد قيل ليس بلائط *** ولكنه قول امرئٍ غير ماحل .