اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنكُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنكُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (54)

قوله : { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضر } " إذَا " الأولى شرطية ، والثانية : فجائية جوابها ، وفي الآية دليل على أنَّ " إذَا " الشرطية لا تكون معمولة لجوابها ؛ لأنَّ ما بعد " إذَا " الفجائية لا يعمل فيما قبلها .

[ وقرأ{[19888]} قتادة ] : " كَاشِفٌ {[19889]} " على فاعل . قال الزمخشريُّ : " بمعنى " فعل " وهو أقوى من " كَشَف " لأن بناء المغالبة يدل على المبالغة " .

قوله : " مِنْكُمْ " يجوز أن يكون صفة ل " فَرِيقٌ " ، و " مِنْ " للتبعيض ، ويجوز أن يكون للبيان ، قال الزمخشريُّ{[19890]} : " كأنه قال : إذا فريقٌ كافرٌ ، وهم أنتم " .

فصل

بين - تعالى - أنَّ عند كشف الضرِّ ، وسلامة الأحوال ، يفترقون : فريق منهم يبقى على ما كان عليه عند الضَّراء ، أي : لا يفزع إلاَّ إلى الله ، وفريق منهم يتغيَّرون فيشركون بالله - تعالى - غيره ؛ وهذا جهلٌ وضلالٌ ؛ لأنَّه لما شهدت فطرته الأصليَّة عند نزول البلاءِ ، والضرِّ في ألاَّ يفزع إلا إلى الله ، ولا يستغاث إلا بالله - فعند زوال البلاءِ يجب ألاَّ يزول عن ذلك الاعتقاد ؛ ونظير هذه الآية قوله تعالى : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } [ لقمان : 13 ] .


[19888]:في ب: وقرىء.
[19889]:قرأ بها قتادة ينظر: المحتسب 2/10، والشواذ 73، والبحر 5/487، والدر المصون 4/336.
[19890]:ينظر: الكشاف 2/611.