تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنكُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنكُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (54)

الآية 54 : ( وقوله تعالى : { ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشكرون } ){[10203]} ثم يكفرون ، ويصرفون شكرها منه إلى غيره في حال الرخاء والسعة ، ويؤمنون به في حال الشدة والبلاء ، فيقول : أنا المنعم عليكم تلك النعم ، وأنا المالك الكشف{[10204]} عنكم لا الأصنام التي عبدتموها . و فكيف كفرتم في الرخاء والسعة ، وآمنتم في وقت الضيق والبلاء .

كانوا يخلصون له الدين في{[10205]} وقت ، ويشركون غيره في وقت ، فيقول : أديموا إلي الدين بقوله : { وله الدين واصبا } ( النحل : 52 ) ولا تتركوا الإيمان في وقت ، وتؤمنوا بي في وقت ، وذلك كانت عبادتهم ؛ كانوا يكفرون بربهم في حال الرخاء والسعة ، ويؤمنون به في حال البلاء والشدة كقوله : { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين } الآية العنكبوت : 65 ) .

يحتمل أن يكون فرض الجهاد على المسلمين ، والقتال معهم ، لهذا المعنى ؛ لأن من عبادتهم الإيمان في وقت البلاء والشدة والخوف . ففرض عليهم القتال معهم ، ليضطروا إلى الإيمان ، فيؤمنوا ، ويديموا الإيمان .

ومنذ فرض القتال معهم كثر الإسلام ، فدخلوا فيه فوجا فوجا ، وإن ( كانوا قبل ذلك يدخلون ) {[10206]} فيه واحدا واحدا .

وفيه دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : { وما بكم من نعمة فمن الله } ( النحل : 53 ) فإنما أخبر عما عرفوا ، وتقرر عنهم أن كل ذلك من عند الله ليعلموا أنه إنما عرف ذلك بالله تعالى .


[10203]:ساقطة من الأصل وم.
[10204]:في الأصل وم: عن الكشف.
[10205]:ساقطة من الأصل وم.
[10206]:في الأصل وم: كان قيل ذلك يدخل.