فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنكُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنكُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (54)

{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ( 54 ) } .

{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ } أي : إذا رفع عنكم ما نزل بكم من الضر . { إِذَا فَرِيقٌ } أي : جماعة . { مِّنكُم بِرَبِّهِمْ } الذي رفع الضر عنهم . { يُشْرِكُونَ } فيجعلون منه إلها آخر ، من صنم أو نحوه ، " إذا " الأولى شرطية والثانية فجائية جوابها ، وفي الآية دليل على أن " إذا " الشرطية لا تكون معمولة لجوابها ؛ لأن ما بعد " إذا " الفجائية لا يعمل فيما قبلها .

والآية مسوقة للتعجب من فعل هؤلاء ، حيث يضعون الإشراك بالله الذي أنعم عليهم بكشف ما نزل بهم من الضر مكان الشكر له . وهذا المعنى قد تقدم في الأنعام ويونس ، ويأتي إن شاء الله تعالى في سبحان .

قال الزجاج : " هذا خاص بمن كفر وقابل كشف الضر عنه بالجحود والكفر ، وعلى هذا فيكون " من " في " منكم " للتبعيض حيث كان الخطاب للناس جميعا ، والفريق هم الكفرة . وإن كان الخطاب موجها إلى الكفار ف " من " للبيان . " وبه قال الزمخشري . كأنه قيل : " إذا فريق كافر وهم أنتم " . قاله السمين .