مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (105)

قوله تعالى : { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم }

واعلم أنه تعالى لما بين حال اليهود والكفار في العداوة والمعاندة حذر المؤمنين منهم فقال : { ما يود الذين كفروا } فنفى عن قلوبهم الود والمحبة لكل ما يظهر به فضل المؤمنين وههنا مسألتان : المسألة الأولى : «من » الأولى للبيان لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان : أهل الكتاب والمشركون ، والدليل عليه قوله تعالى : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين } والثانية : مزيدة لاستغراق الخير ، والثالثة : لابتداء الغاية .

المسألة الثانية : الخير الوحي وكذلك الرحمة ، يدل عليه قوله تعالى : { أهم يقسمون رحمة ربك } المعنى أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحي إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحي .

ثم بين سبحانه أن ذلك الحسد لا يؤثر في زوال ذلك ، فإنه سبحانه يختص برحمته وإحسانه من يشاء .