مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} (21)

قوله تعالى : { فكيف كان عذابي ونذر ، ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }

وتفسيره قد تقدم والتكرير للتقرير ، وفي قوله : { عذابي ونذر } لطيفة ما ذكرناها ، وهي تثبت بسؤال وجواب لو قال القائل : أكثر المفسرين على أن النذر في هذا الموضع جمع نذير الذي هو مصدر معناه إنذار ، فما الحكمة في توحيد العذاب حيث لم يقل : فكيف كان أنواع عذابي ووبال إنذاري ؟ نقول : فيه إشارة إلى غلبة الرحمة الغضب ، وذلك لأن الإنذار إشفاق ورحمة ، فقال : الإنذارات التي هي نعم ورحمة تواترت ، فلما لم تنفع وقع العذاب دفعة واحدة ، فكانت النعم كثيرة ، والنقمة واحدة وسنبين هذا زيادة بيان حين نفسر قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } حيث جمع الآلاء وكثر ذكرها وكررها ثلاثين مرة .