مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي} (29)

قوله تعالى : { فادخلي في عبادي وادخلي جنتي } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : قيل : نزلت في حمزة بن عبد المطلب ، وقيل : في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة ، وجعلوا وجهه إلى المدينة ، فقال : اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو بلدتك ، فحول الله وجهه نحوها ، فلم يستطع أحد أن يحوله ، وأنت قد عرفت أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

المسألة الثانية : قوله : { ادخلي في عبادي } أي انضمي إلى عبادي المقربين ، وهذه حالة شريفة ، وذلك لأن الأرواح الشريفة القدسية تكون كالمرايا المصقولة ، فإذا انضم بعضها إلى البعض حصلت فيما بينها حالة شبيهة بالحالة الحاصلة عند تقابل المرايا المصقولة من انعكاس الأشعة من بعضها على بعض ، فيظهر في كل واحد منها كل ما ظهر في كلها ، وبالجملة فيكون ذلك الانضمام سببا لتكامل تلك السعادات ، وتعاظم تلك الدرجات الروحانية ، وهذا هو المراد من قوله تعالى : { وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين } وذلك هو السعادة الروحانية