أما قوله : { ووالد وما ولد } فاعلم أن هذا معطوف على قوله : { لا أقسم بهذا البلد } وقوله : { وأنت حل بهذا البلد } معترض بين المعطوف والمعطوف عليه ، وللمفسرين فيه وجوه ( أحدها ) : الولد آدم وما ولد ذريته ، أقسم بهم إذ هم من أعجب خلق الله على وجه الأرض ، لما فيهم من البيان والنطق والتدبير واستخراج العلوم وفيهم الأنبياء والدعاة إلى الله تعالى والأنصار لدينه ، وكل ما في الأرض مخلوق لهم وأمر الملائكة بالسجود لآدم وعلمه الأسماء كلها ، وقد قال الله تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم } فيكون القسم بجميع الآدميين صالحهم وطالحهم ، لما ذكرنا من ظهور العجائب في هذه البنية والتركيب ، وقيل : هو قسم بآدم والصالحين من أولاده ، بناء على أن الطالحين كأنهم ليسوا من أولاده وكأنهم بهائم . كما قال : { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } ، { صم بكم عمي فهم لا يرجعون } ( وثانيها ) : أن الولد إبراهيم وإسماعيل وما ولد محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه أقسم بمكة وإبراهيم بانيها وإسماعيل ومحمد عليهما السلام سكانها ، وفائدة التنكير الإبهام المستقل بالمدح والتعجب ، وإنما قال : { وما ولد } ولم يقل ومن ولد ، للفائدة الموجودة في قوله : { والله أعلم بما وضعت } أي بأي شيء وضعت يعني موضوعا عجيب الشأن ( وثالثها ) : الولد إبراهيم وما ولد جميع ولد إبراهيم بحيث يحتمل العرب والعجم . فإن جملة ولد إبراهيم هم سكان البقاع الفاضلة من أرض الشام ومصر ، وبيت المقدس وأرض العرب ومنهم الروم لأنهم ولد عيصو بن إسحق ، ومنهم من خص ذلك بولد إبراهيم من العرب ومنهم من خص ذلك بالعرب المسلمين ، وإنما قلنا إن هذا القسم واقع بولد إبراهيم المؤمنين لأنه قد شرع في التشهد أن يقال : «كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم » وهم المؤمنين ( ورابعها ) : روي عن ابن عباس أنه قال : الولد الذي يلد ، وما ولد الذي لا يلد ، فما ههنا يكون للنفي ، وعلى هذا لابد عن إضمار الموصول أي ووالد ، والذي ما ولد ، وذلك لا يجوز عند البصريين ( وخامسها ) : يعني كل والد ومولود ، وهذا مناسب ، لأن حرمة الخلق كلهم داخل في هذا الكلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.