اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي} (29)

قوله : { فادخلي فِي عِبَادِي } ، يجوز أن يكون في جسدِ عبادي ، ويجوز أن يكون المعنى في زُمرةِ عبادي . وقرأ ابنُ عبًّاسٍ وعكرمةُ وجماعةٌ : «في عَبْدِي » ، والمراد : الجِنْس ، وتعدَّى الفعل الأول ب «في » ؛ لأنَّ الظرف ليس بحقيقي نحو : دخلت في غمارِ الناس ، وتعدَّى الثاني بنفسه ؛ لأن الظرفية متحققة ، كذا قيل ، وهذا إنما يتأتّى على أحد الوجهين ، وهو أن المراد بالنَّفس : بعض المؤمنين ، وأنه أمر بالدخول في زُمْرَة عباده ، وأما إذا كان المراد بالنفس : الرُّوح ، وأنها مأمورة بدخولها في الأجساد ، فالظرفية متحققة فيه أيضاً .

فصل في المراد بالجنة هاهنا

قال ابنُ عبَّاسٍ : هذا يوم القيامة ، وهو قول الضحاك{[60192]} .

والجمهور على أنَّ المراد بالجنة : دار الخلود ، التي هي سكنُ الأبرار ، ودار الصالحين والأخيار .

ومعنى «فِي عبَادِي » أي : في الصالحين ، كقوله تعالى : { لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصالحين } [ العنكبوت : 9 ] .

قال ابن الخطيب{[60193]} : ولمَّا كانت الجنَّة الروحانية غير متراخية عن الموت في حق السعداء ، لا جرم قال تعالى : { فادخلي فِي عِبَادِي } ، بفاء التعقيب .


[60192]:ذكره القرطبي في تفسيره 20/39.
[60193]:ينظر: الفخر الرازي 31/162.