{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَا أَنزَلَ الله } الضمير للناس والعدول عن الخطاب إلى الغيبة للتنبيه على أنهم لفرط جهلم وحمقهم ليسوا أهلاً للخطاب بل ينبغي أن يصرف عنهم إلى من يعقله ، وفيه من النداء لكل أحد من العقلاء على ضلالتهم ما ليس إذا خوطبوا بذلك ، وقيل : الضمير لليهود وإن لم يذكروا بناءاً على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن الآية نزلت فيهم لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، وقيل : إنه راجع إلى { من يتخذ } أو إلى المفهوم من أن الذين يكتمون ، والجملة مستأنفة بناءاً على ما روي أنها نزلت في المشركين ، وأنت تعلم أن النزول في حق اليهود أو المشركين لا يقتضي تخصيص الضمير بهم ، وقد شاع أن عموم المرجع لا يقتضي عموم الضمير كما في قوله تعالى : { والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ } [ البقرة : 228 ] وقوله تعالى : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ } [ البقرة : 228 ] على أن نظم القرآن الكريم يأبى هذا القيل ، والموصول إما عام لسائر الأحكام الحقة المنزلة من الله تعالى ، وإما خاص بما يقتضيه المقام { قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا } أي وجدناهم عليه ، والظرف إما حال من آبائنا ، وألفينا متعد إلى واحد ، وإما مفعول ثان له مقدم على الأول .
{ أَو لَوْ كَانَ ءابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ } جواب الشرط محذوف أي ول كان آبائهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون إلى الحق لاتعبوهم والواو للحال أو للعطف ، والجملة الشرطية إما حال عن ضمير { قَالُواْ } أو معطوفة عليه ، والهمزة لإنكار مضمون تلك الجملة وهو التزامهم الاتباع على تقدير ينافيه وهو كونهم غير عاقلين ولا مهتدين المستلزم لالتزامهم الاتباع على أي حال كانوا من غير تمييز ، وعلم بكونهم محقين أو مبطلين وهو التقليد المذموم ويتولد من ذلك الإنكار التعجيب ، وجوز أن تكون الجملة حالاً عن ضمير جملة محذوفة أي : أيتبعونهم في حال فرضهم غير عاقلين ولا مهتدين وأن تكون معطوفة على شرط مقدر أي يتبعونهم لو لم يكونوا غير عاقلين ، ولو كانوا غير عاقلين ، وإلى الأول : ذهب الزمخشري ، وإلى الثاني : الجرمي ، ولا يخفى أنه على تقدير حذف الجملة المتقدمة لا يحتاج إلى القول بحذف الجزاء ، ولعل ما ذكر أولاً أولى لما فيه من التحرز عن كثرة الحذف وإبقاء { لَوْ } على معناها المشهور ، والهمزة الاستفهامية على أصلها وهو إيلاء المسؤول عنه وكون المعنى يدور على العطف على المحذوف في أمثال ذلك في سائر اللغات غير مسلم ، واختار الرضي أن الواو الداخلة على كلمة الشرط في مثل هذا اعتراضية ، وعني بالجملة الاعتراضية ما يتوسط بين أجزاء الكلام ، أو يجيء آخره متعلقاً به معنى مستأنفاً لفظاف ، قيل : وفي الآية دليل على المنع من التقليد لمن قدر على النظر ، وأما اتباع الغير في الدين بعد العلم بدليل ما إنه محق فاتباع في الحقيقة لما أنزل الله تعالى وليس من التقليد المذموم في شيء وقد قال سبحانه : { فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأنبياء : 7 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.