السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (170)

وقوله تعالى :{ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله } من التوحيد وتحليل الطيبات متصل بما قبله وهو نازل في مشركي العرب وكفار قريش والضمير في لهم عائد على الناس المذكورين في قوله تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً } عدل عن الخطاب عنهم للنداء على ضلالتهم كأنه التفت إلى العقلاء وقال لهم : انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يجيبون وقيل : مستأنف والهاء والميم في لهم كناية عن غير مذكور .

روي عن ابن عباس أنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام فقال رافع بن خارجة ومالك بن عوف : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا فأنزل الله تعالى هذه الآية { قالوا } لا نتبعه { بل نتبع ما ألفينا } أي : وجدنا وأدركنا أو علمنا ، وألفى تتعدّى إلى مفعولين وهما قوله { عليه آباءنا } من عبادة الأصنام وتحريم البحائر والسوائب ، فإنهم كانوا خيراً وأعلم منا قال الله تعالى : { أولو كان } أي : أيتبعونهم ولو كان { آباؤهم لا يعقلون شيئاً } أي : من أمر الدين لا شيئاً مطلقاً ، فإنهم كانوا يعقلون أمر الدنيا ، فلفظه عام ومعناه الخصوص { ولا يهتدون } أي : الحق والهمزة للإنكار والواو للحال أو العطف وجواب لو محذوف أي : لو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون إلى الحق لاتبعوهم .