روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

{ قُلْ جَاء الحق } أي الإسلام والتوحيد أو القرآن ، وقيل السيف لأن ظهور الحق به وهو كما ترى { وَمَا يُبْدِئ الباطل } أي الكفر والشرك { وَمَا يُعِيدُ } أي ذهب واضمحل بحيث لم يبق له أثر مأخوذ من هلاك الحي فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء أي فعل أمر ابتداء ولا إعادة أي فعله ثانياً كما يقال لا يأكل ولا يشرب أي ميت فالكلام كناية عما ذكر أو مجاز متفرع على الكناية ، وأنشدوا لعبيد بن الأبرص :

أقفر من أهله عبيد *** فاليوم لا يبدىء ولا يعيد

وقال جماعة : الباطل إبليس وإطلاقه عليه لأنه مبدؤه ومنشؤه ، ولا كناية في الكلام عليه ، والمعنى لا ينشىء خلقاً ولا يعيد أو لا يبدىء خيراً لأهله ولا يعيد أي لا ينفعهم في الدنيا والآخرة ، وقيل هو الصنم والمعنى ما سمعت ، وعن أبي سليمان أن المعنى إن الصنم لا يبتدئ من عنده كلاماً فيجاب ولا يرد ما جاء من الحق بحجة .

و { مَا } على جميع ذلك نافية ، وقيل : هي على ما عدا القول الأول للاستفهام الإنكاري منتصبة بما بعدها أي أي شيء يبدىء الباطل وأي شيء يعيد ومآله النفي ، والكلام جوز أن يكون تكميلاً لما تقدم وأن يكون من باب العكس والطرد وأن يكون تذييلاً مقرراً لذلك فتأمل .