{ فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح } إلى آخره تفريع على طلبه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ولو كان الاستغفار مقصوداً أيضاً لقيل فغفرنا له وسخرنا له الريح الخ . وأجيب بأنه يجوز أن يقال : إن المغفرة لمن استغفر لاسيما الأنبياء عليهم السلام لما كانت أمراً معلوماً بخلاف هبة ملك لمن استوهب لم يصرح بها واكتفى بدلالة ما ذكر في حيز الفاء مع ما في الآية بعد على ذلك ، وتقوى هذه الدلالة على تقدير أن يكون طلب الملك علامة على قبول استغفاره وإجابة دعائه فتأمل ، والتسخير التذليل أي فذللناها لطاعته إجابة لدعوته ، وقيل أدمنا تذليلها كما كان وقرأ الحسن . وأبو رجاء . وقتادة . وأبو جعفر { الرياح } بالجمع قيل : وهو أوفق لما شاع من أن الريح تستعمل في الشر والرياح في الخير ، وقد علمت أن ذلك ليس بمطرد ، وقوله تعالى : { تَجْرِى بِأَمْرِهِ } بيان لتسخيرها له عليه السلام أو حال أي جارية بأمره { رُخَاء } أي لينة من الرخاوة لا تحرك لشدتها . واستشكل هذا بأنه ينافي قوله تعالى : { ولسليمان الريح عَاصِفَةً } [ الأنبياء : 81 ] لوصفها ثمت بالشدة وهنا باللين .
وأجيب بأنها كانت في أصل الخلقة شديدة لكنها صارت لسليمان لينة سهلة أو أنها تشتد عند الحمل وتلين عند السير فوصفت باعتبار حالين أو أنها شديدة في نفسها فإذا أراد سليمان عليه السلام لينها لانت على ما يشير إليه قوله تعالى : { بِأَمْرِهِ } أو أنها تلين وتعصف باقتضاء الحال ، وقال ابن عباس . والحسن . والضحاك : رخاء مطيعة لا تخالف إرادته كالمأمور المنقاد ، فالمراد بلينها انقيادها له وهو لا ينافي عصفها ، واللين يكون بمعنى الإطاعة وكذا الصلابة تكون بمعنى العصيان { حَيْثُ أَصَابَ } أي قصد وأراد كما روي عن ابن عباس . والضحاك . وقتادة ، وحكى الزجاج عن العرب أصاب الصواب فأخطأ الجواب ، وعن رؤبة أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة فخرج إليهما فقال : أن تصيبان ؟ فقالا : هذه طلبتنا ورجعا ويقال أصاب الله تعالى بك خيراً ، وأنشد الثعلبي :
أصاب الكلام فلم يستطع *** فأخطأ الجواب لدى المعضل
وعن قتادة أن أصاب بمعنى أراد لغة هجر وقيل لغة حمير ، وجوز أن يكون أصاب من صاب يصوب بمعنى نزل ، والهمزة للتعدية أي حيث أنزل جنوده ، وحيث متعلقة بسخرنا أو بتجري .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.