مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ} (36)

ثم قال : { فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب } رخاء أي رخوة لينة وهي من الرخاوة والريح إذا كانت لينة لا تزعزع ولا تمتنع عليه كانت طيبة ، فإن قيل أليس أنه تعالى قال في آية أخرى { ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره } قلنا الجواب من وجهين الأول : لا منافاة بين الآيتين فإن المراد أن تلك الريح كانت في قوة الرياح العاصفة إلا أنها لما جرت بأمره كانت لذيذة طيبة فكانت رخاء والوجه الثاني : من الجواب أن تلك الريح كانت لينة مرة وعاصفة أخرى ولا منافاة بين الأمرين وقوله تعالى : { حيث أصاب } أي قصد وأراد ، وحكى الأصمعي عن العرب أنهم يقولون أصاب الصواب فأخطأ الجواب .

وعن رؤبة أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة فخرج إليهما ، فقال أين تصيبان ؟ فقالا هذا مطلوبنا . وبالجملة فالمقصود أنه تعالى جعل الريح مسخرة له حتى صارت تجري بأمره على وفق إرادته ،