فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ} (36)

ثم ذكر سبحانه إجابته لدعوته ، وإعطاءه لمسألته فقال : { فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح } أي ذللناها له ، وجعلناها منقادة لأمره . ثم بيّن كيفية التسخير لها بقوله : { تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاء } أي لينة الهبوب ليست بالعاصف ، مأخوذ من الرخاوة ، والمعنى : أنها ريح لينة لا تزعزع ، ولا تعصف مع قوة هبوبها ، وسرعة جريها ، ولا ينافي هذا قوله في آية أخرى { ولسليمان الريح عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِ } [ الأنبياء : 81 ] لأن المراد : أنها في قوة العاصفة ، ولا تعصف . وقيل : إنها كانت تارة رخاء ، وتارة عاصفة على ما يريده سليمان ويشتهيه ، وهذا أولى في الجمع بين الآيتين { حَيْثُ أَصَابَ } أي حيث أراد . قال الزجاج : إجماع أهل اللغة والمفسرين أن معنى { حيث أصاب } حيث أراد ، وحقيقته حيث قعد . وقال الأصمعي ، وابن الأعرابي : العرب تقول : أصاب الصواب ، وأخطأ الجواب . وقيل : إن معنى أصاب بلغة حمير : أراد ، وليس من لغة العرب ، وقيل : هو بلسان هجر ، والأول أولى ، وهو مأخوذ من إصابة السهم للغرض .

/خ40