التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَلَمَّا بَلَغَا مَجۡمَعَ بَيۡنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ سَرَبٗا} (61)

قوله : { فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا } أي لما بلغ موسى وفتاه ملتقى البحرين ( نسيا حوتهما ) إذ كانا قد أخذا معهما حوتا في زنبيل وكان فقدانه أمارة لهما على وجود المطلوب وهو الخضر عليه السلام ، فقد قيل للفتى من قبل ، متى فقدت الحوت ، فالمطلوب ثمة . فلما بلغا ساحل البحر وضع الفتى المكتل وفيه الحوت فتحرك واضطرب وسقط في الماء فنسي فتاه أن يخبره عن فقده حتى مضى الحوت في سبيله في البحر . وهو قوله : ( فاتخذ سيبله في البحر سربا ) ( سربا ) ، منصوب على أنه مفعول ثان للفعل اتخذ . ومفعوله الأول : ( سبيله ) {[2844]} وقيل : منصوب على المصدر . أي سربَ فيه سربا . والسرب ، بفتحتين ، هو بيت في الأرض ، أو نفق{[2845]} ؛ فقد قيل : أمسك الله الماء على الموضع الذي انسرب فيه الحوت فصار كالكوة المحفورة في الأرض .

وذلك أن الموضع الذي سلكه الحوت في الماء بقي فارغا وهو الذي مشى عليه موسى متبعا للحوت حتى أفضى به الطريق إلى الموضع الذي كان فيه الخضر .


[2844]:- البيان لابن الأنباري جـ2 ص 113.
[2845]:- مختار الصحاح ص 293.