التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا} (60)

قوله تعالى : { وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ( 60 ) فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا ( 61 ) فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ( 62 ) قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ( 63 ) قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا ( 64 ) فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ( 65 ) } .

فتى موسى هو يوشع بن نون . وكان فتاه ؛ لأنه كان يخدمه ويأخذ عنه العلم . وسبب قول موسى لفتاه هذا القول : أنه ذكر له أن هناك عبدا مؤمنا من عباد الله بمجمع البحرين لديه من العلم ما ليس عندك . فأراد موسى أن يرحل إليه ويتلقى منه العلم . وفي هذا الصدد روى البخاري عن أبي بن كعب ( رضي الله عنه ) أنه سمع رسول الله ( ص ) يقول : " إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسأل : أي الناس أعلم ؟ قال : أنا . فعتب الله عليه ؛ إذ لم يُرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك . قال موسى : يا رب كيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل- زنبيل- فحيثما فقدت الحوت فهو تمّ " فأخذ حوته فجعله بمكتل ، ثم انطلق ومعه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما واضطرب الحوت في المكتل ، فخرج منه فسقط في البحر ( فاتخذ سبيله في البحر سربا ) . ونأتي على بقية القصة في تفسير الآيات التي تتعلق بها . وهذا قوله تعالى في ذلك : ( وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ) ( موسى ) ، هو ابن عمران ، كليم الله ورسوله إلى بني إسرائيل ، وفتاه ، يوشع بن نون . فقد قال موسى : ( لا أبرح ) ، أي لا أزال أسير حتى أبلغ ملتقى البحرين وهما بحر فارس والروم ( أو أمضي حقبا ) يعني أسير دهرا من الزمن وجمعه أحقاب{[2843]} .


[2843]:- مختار الصحاح ص 146.