اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَمَّا بَلَغَا مَجۡمَعَ بَيۡنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ سَرَبٗا} (61)

ثم قال : { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا } .

أي : انطلقا إلى أن بلغا مجمع بينهما ، والضمير في قوله : " بينهما " إلى ماذا يعود ؟ .

فقيل : لمجمع البحرين .

وقيل : بلغا الموضع الذي وقع فيه نسيانُ الحوت ، وهذا الموضع الذي كان يسكنه الخضر - عليه السلام - أي : يسكن بقربه ، ولأجل هذا المعنى ، لمَّا رجع موسى وفتاه بعد أن ذكر الحوت ، صار إليه ، وهو معنى حسنٌ ، والمفسِّرون على القول الأوَّل{[21200]} .

قوله : { نَسِيَا حُوتَهُمَا } : الظاهر نسبةُ النِّسيانِ إلى موسى وفتاه ، يعني نسيا تفقُّد أمره ، فإنه كان علامة لهما على ما يطلبانه ، وقيل : نسيَ موسى أن يأمرهُ بالإتيان به ، ونسي يوشعُ أن يفكِّره بأمره ، وقيل : النَّاسِي يوشع فقط ، وهو على حذف مضاف ، أي : نسي أحدهما ؛ كقوله : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] .

قوله : " في البَحْرِ سرباً " " سَرَباً " مفعول ثانٍ ل " اتَّخذَ " و " فِي البَحْرِ " يجوز أن يتعلق ب " اتَّخذ " وأن يتعلق بمحذوفٍ على أنه محالٌ من المفعول الأول أو الثاني .

والهاء في " سبيلهُ " تعود على الحوت ، وكذا المرفوع في " اتَّخذَ " .


[21200]:ينظر: الفخر الرازي 21/124.