تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَلَمَّا بَلَغَا مَجۡمَعَ بَيۡنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ سَرَبٗا} (61)

{ فلما بلغا } ، يعنى موسى ويوشع بن نون ، { مجمع بينهما } بين البحرين ، { نسيا حوتهما } ، وذلك أن موسى عليه السلام ، لما علم ما في التوراة ، وفيها تفصيل كل شيء ، قال له رجل من بني إسرائيل : هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا ، ما بقي أحد من عباد الله هو أعلم مني ، فأوحى الله عز وجل إليه : أن رجلا من عبادي يسكن جزائر البحر ، يقال له : الخضر هو أعلم منك ، قال : فكيف لي به ؟ قال جبريل ، عليه السلام : أحمل معك سمكة مالحة ، فحيث تنساها تجد الخضر هنالك .

فسار موسى ويوشع بن نون ، ومعهما خبز وسمكة مالحة في مكتل على ساحل البحر ، فأوى إلى الصخرة قليلا ، والصخرة بأرض تسمى : مروان ، على ساحل بحر أيلة ، وعندها عين تسمى : عين الحياة ، فباتا عندها تلك الليلة ، وقرب موسى المكتل من العين وفيها السمكة ، فأصابها المال فعاشت ، ونام موسى ، فوقعت السمكة في البحر ، فجعل لا يمس صفحتها شيء من الماء إلا انفلق عنه ، فقام الماء من كل جانب ، وصار أثر الحوت في الماء كهيئة السرب في الأرض ، واقتصد الحوت في مجراه ليلحقاه ، فذلك قوله سبحانه : { فاتخذ سبيله في البحر سربا } آية ، يعنى الحوت اتخذ سبيله ، يعنى طريقه في البحر سربا ، يقول : كهيئة فم القربة .