تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا بَلَغَا مَجۡمَعَ بَيۡنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ سَرَبٗا} (61)

الآية61 : وقوله تعالى : { فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما } أضاف النسيان إليهما ، وإن كانا الذي نسيه ، هو فتاه .

وقال بعضهم : أضاف النسيان إليهما على الترك لأنهما فارقا ذلك المكان ، وتركا الحوت فيه . وإنما أضاف النسيان إليهما لما تركاه جميعا فيه ، وفارقاه ، وإن كان الفتى ، هو الذي نسيه دون موسى ( حين{[11711]} قال : { وما أنسانيه إلا الشيطان } ( الكهف : 63 ) وكل مَنْسِيٍّ مَتْروك .

وقال بعضهم : أضاف إليهما ( النسيان ){[11712]} لما كان منهما جميعا النسيان ؛ نسي الفتى أن ( يذكر موسى ، ويخبره عن حال الحوت أنه ){[11713]} سرب في البحر ، ونسي موسى{[11714]} ) أن يستخبره عنه . فقد كان منها جميعا النسيان ؛ عن الفتى الإخبار والتذكير ، وعن موسى الاستخبار عن حاله .

وقال بعضهم : أضاف ذلك إليهما لما نسيا مكان الرجل الذي أمر موسى أن يأتيه ، ويقتبس منه العلم . فهو على الجهل يخرج العلماء{[11715]} هذا التأويل ، أي جهلا مكانه ، والله أعلم .

وقوله : { فأتخذ سبيله في البحر سربا } قال أبو عوسجة : { سربا } أي دخل في البحر كما يدخل في السرب . والسرب ، هو داخل الأرض ، يقال بالفارسية : سَمْهَج{[11716]} وقال القتبي : { سربا } أي مذهبا ومسلكا . وقال{[11717]} أهل التأويل : إن الحوت كان مشويا ، فأحياه الله . وقال بعضهم : كان طريا . ولكن ليس لنا إلى المعرفة الحوت أنه كان مشويا أو طريا حاجة ، وهو قادر على أن يُحْيِيَهُ مشويا أو طريا في أي حال كان ، والله أعلم .


[11711]:في الأصل و.م: حيث.
[11712]:ساقطة من الأصل.
[11713]:في الأصل: يذكره ويخبره أن.
[11714]:ساقطة من م.
[11715]:في الأصل و.م: علما.
[11716]:في الأصل و.م: سمج، والسمهج: سهل لين، انظر معجم البلدان ح3/246.
[11717]:في الأصل و.م: وقول.