التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ} (168)

قوله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إله لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) .

وذلك إرشاد من الله للناس وتوجيه لهم أن يأكلوا من خيرات الأرض ( حلالا ) وسمي الحلال بذلك ؛ لانحلاله من عقدة الحظر ( المنع ) أما الطيب فمعناه الحلال .

وقد جاء المعنى مكررا للتأكيد . وقيل معناه المستطاب المستلذ في نفسه ، وهو ما كان غير ضار للأبدان أو العقول .

ومن أشد وجوه الشر التي يقارفها الإنسان في حياته أن يأكل غير الحلال من الطعام مما حرمه الشرع ، ونهى عنه كالربا والغلول والرُّشا وغير ذلك من أوجه المال الخبيث . وهو مال يثقل به كاهل الإنسان المعتدي ؛ لما يحمله من أوزار الاعتداء على أموال الناس بالباطل . وقد روي عن ابن عباس أنه لما تليت هذه الآية قام سعد بن أبي وقاص وقال : يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال : " يا سعد أطبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبل منه أربعين يوما ، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به " .

وقوله : ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) خطوات الشيطان هي طرقه ومسالكه التي تقود إلى الشر والمعصية وتفضي إلى النار . وما من شك أن الشيطان عدو ظاهر أكبر للإنسان يحرفه عن مسار الحق وعن صراط الله ومنهجه القويم السليم ، وهو كذلك الذي يزلقه إزلاقا ليبوء بالخسران الكبير في هذه الدنيا حيث الشقوة والمعاناة والمضانكة ، ثم ليهوي أخيرا في جهنم وذلكم هو الخسران المبين .