فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ} (168)

{ حلالا } مباحا جائزا لم يحرمه الله وسمي الحلال حلالا لانحلال عقدة الخطر عنه .

{ طيبا } لذيذا زكيا طاهرا كثير الخير ليس فيه خبث ولا مكروه ولا نتن أو حلالا .

{ خطوات الشيطان } أعماله وخطاياه . { مبين } مظهر

{ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان } حذرت الأيام السابقات من سوء مصير أهل الشرك وأنذرت هذه أهل الضلال وأتباع الشيطان وقالة الإفك ؛ روى الإمام مسلم في صحيحه في حديث عياض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( يقول الله تعالى إن كل مال منحته عبادي فهو لهم حلال –وفيه- وإني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ) نادى الله تعالى العباد أن يأكلوا من طيبات الرزق والحلال يطلق على الجائز والمباح وما ليس بمحرم والطيب الطاهر اللذيذ الزكي وكثير الخير وما لا خبث فيه ولا مكروه ولا نتن ، والحلال قال الكلبي : نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام وحرموا البحيرة السائبة والوصيلة والحامي وقال آخرون كانت العرب تستقذر أشياء فلا تأكلها ، وتستطيب أشياء فتأكلها ، فأحل الله لهم ما استطابوه مما لم ينزل بتحريمه تلاوة مثل لحوم الأنام كلها وألبانها ومثل الدواب التي من الضباب والأرانب وغيرها ؛ ثم الحرام قد يكون حراما في جنسه كالميتة وقد يكون حراما لعرض كملك الغير إذ لم يأذن في أكله فالحلال هو الخالي عن القيدين ؛ والطيب إن أريد به ما يقرب من الحلال فالوصف لتأكيد المدح مثل { . . . نفخة واحدة }{[562]} أي الطاهر{[563]} من كل شبهة ويمكن أن يراد بالطيب اللذيذ – ودعوا خطوات الشيطان الذي يوبقكم فيهلككم ويوردكم موارد العطب ، ويحرم عليكم أموالكم ، فلا تتبعوها ولا تعملوا بها ؛ { إنه } . . إن الشيطان والهاء . . عائدة على الشيطان { لكم } أيها الناس عدو مبين يعني أنه قد أبان لكم عداوته بإبائه عن السجود لأبيكم وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة واستزله بالخطيئة فأكل من الشجرة ، يقول تعالى ذكره فلا تنتصحوه أيها الناس مع إبانته لكم العداوة ودعوا ما يأمركم به والتزموا طاعتي فيما أمرتكم به ونهيتكم عنه مما أحللته لكم وحرمته عليكم دون ما حرمتموه أنتم على أنفسكم وحللتموه طاعة للشيطان اتباعالأمره . . .


[562]:من سورة الحاقة من الآية 13.
[563]:عن ابن عباس قال تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} فقام سعد ابن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال (يا سعد أطب مطعمك تكون مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به)