فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ} (168)

قوله : { يا أَيُّهَا الناس } قيل : إنها نزلت في ثقيف ، وخزاعة ، وبني مدلج فيما حرّموه على أنفسهم من الأنعام . حكاه القرطبي في تفسيره ، ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . وقوله : { حلالا } مفعول ، أو حال ، وسمي الحلال حلالاً لانحلال عقدة الحظر عنه . والطِّيب هنا : هو المُسْتَلَذّ كما قاله الشافعي ، وغيره . وقال مالك ، وغيره : هو الحلال ، فيكون تأكيداً لقوله : { حلالا } . و " منْ " في قوله : { مِمَّا فِى الأرض } للتبعيض للقطع بأن في الأرض ما هو حرام

{ وخطوات } جمع خُطْوة بالفتح والضم ، وهي : بالفتح للمرة ، وبالضم لما بين القدمين . وقرأ القراء " خَطوات " بفتح الخاء ، وقرأ أبو سماك بفتح الخاء ، والطاء ، وقرأ عليّ ، وقتادة ، والأعرج ، وعمرو بن ميمون ، والأعمش : «خُطؤات » بضم الخاء ، والطاء ، والهمز على الواو . قال الأخفش : وذهبوا بهذه القراءة إلى أنها جمع خَطية من الخطأ ؛ لا من الخطو . قال الجوهري : والخطوة بالفتح : المرة الواحدة ، والجمع خطوات ، وخطا انتهى . والمعنى على قراءة الجمهور : لا تَقْفُوا أثر الشيطان ، وعمله ، وكلُّ ما لم يرد به الشرع ، فهو منسوب إلى الشيطان ، وقيل : هي النذور والمعاصي ، والأول التعميم ، وعدم التخصيص بفرد ، أو نوع .

وقوله : { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي : ظاهر العداوة ، ومثله قوله تعالى : { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مبِينٌ } [ القصص : 15 ] وقوله : { إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً } [ فاطر : 6 ] .

/خ171