الآية 168 وقوله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) قيل فيه بوجوه : قيل : إنهم كانوا يحرمون التناول من أشياء والانتفاع من نحو[ البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ]{[1939]} ، فيقولون : حرم الانتفاع بها ، فأنزل الله تعالى ، فقال : ( كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) وانتفعوا بها ، فإن الله تعالى لم يحرمها عليكم كقوله : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ) الآية{[1940]} [ المائدة : 103 ] ، وقيل : خلق في الأرض ما هو حلال ، وما هو حرام ، وأباح التناول من الحلال ، ونهى عن الحرام ، وقيل : إن قوما يحرمون التناول من الرفيع من الطعام والرفيع من الملبوس ، ويتناولون من الدرن والرثة{[1941]} ، فنهوا عن ذلك .
ولا يحتمل أن يراد بالطيبات الحلال منها ، ولكنما تطيب النفس من التناول ، لأن النفس لا تتلذذ بالتناول من كل حلال ، ولكن وإنما تطيب مما هو لها ألذ وأوفق ، والله أعلم . وعلى ذلك قوله : ( قل من حرم زينة الله ) الآية{[1942]} [ الأعراف : 32 ] ، فيكون : كان الذي في الأرض حلالا وحراما ، ثم مما حل طيب ودون ، فأمر بأكل ما طاب من ذلك إذ قدر عليه ؛ لأنه على قدر طيبه يعظم محله في القلب ، وعلى ذلك يرغب نفسه بالشكر لمن أنعم به عليه والتعظيم لمن أكرمه بالذي طبت له به النفس ، والله أعلم .
وقوله : ( ولا تتبعوا خطوات الشياطين ) ؛ [ اختلف في قوله : ( خطوات الشياطين ) ]{[1943]} ؛ قيل : آثار الشيطان ، وقيل : وساوس الشيطان ، وقيل : سبل الشيطان كقوله : ( ولا تتبعوا السبل ) [ الأنعام : 153 ] فهو يرجع إلى واحد .
وقوله : ( إنه لكم عدو مبين ) ، وذكر في موضع آخر ، وسماه وليا بقوله : ( أولياؤهم الطاغوت ) [ البقرة : 257 ] ؛ فالوجه أنه يريهم في الظاهر الموالاة ، ولكنه يريد في الباطن إهلاكهم . فإذا كان كذلك فهو في الحقيقة عدو . وجائز أن يكون [ وليا لهم ]{[1944]} : أي هو أولى بهم إذ عملوا ما عملوا بأمره أو وليا{[1945]} بما [ أتوه من ]{[1946]} الفعل ، وشاركوه{[1947]} في الشر ، وكان{[1948]} في الحقيقة لهم [ عدوا : وفي ذلك ]{[1949]} هلاكهم ، ولا قوة إلا بالله .
وقوله : ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) [ النساء : 76 ] لأنه يوسوس ، ويدعو ، فإن أطاعه ، وإلا ليس له عليه سلطان سوى ذلك ، فهو ضعيف لأن من لا ينفذ على رغبته سوى قوله فهو ضعيف ، يوصف بالضعف ، والله أعلم ، ويكون ضعيفا على من [ يتأمل مكايده ، ويتحفظ ]{[1950]} أحواله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.