التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

{ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } أي عقب خلقه من طين جعله سويا مستقيما على ما ينبغي من حسن الهيئة والصورة ثم نفخ فيه بعد ذلك من روحه تشريفا له ، وتعريفا بقدره ، وإشعارا بأنه مخلوق عجيب مميز ومفضل على كثير من الخلائق .

قوله : { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ } { وَالْأَفْئِدَةَ } ، بمعنى القلوب ، فالله يمنّ على عباده بما أنعم به عليهم من عجيب النعم وهي كثيرة . ومن جملتها السمع ؛ فهو يعي بسمعه المواعظ والعبر ، وينتفع بما يطرقه من كلمات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويلين قلبه وحسه وجوارحه إذا تدبر القرآن وهو يتلى على مسمعه بنظمه الخارق الباهر ، وإيقاعه المثير المذهل .

وكذلك الأبصار ليرى بعينيه ما خلق الله من عجائب المشاهد ة المنظورة في الطبيعة من سهول ووهاد وبحار وأنهار ، وأشجار وأزهار . كذلك الأفئدة ، وهي العقول ، قد جعلها الله للإنسان ، ليتفكر بها ويميز بها الحق من الباطل ، والصواب من الاعوجاج .

قوله : { قليلا ما تشكرون } أي تشكرون شكرا قليلا ، بدلا من دوام الشكر منكم لله على ما منّ به عليكم من جزيل النعم{[3674]} .


[3674]:تفسير النسفي ج 3 ص 287، وتفسير ابن كثير ج3 ص 457.