التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

قوله : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } { أم } ، المنقطعة ، بمعنى بل والهمزة للاستفهام ؛ أي بل أيقولون افتراه . وذلك على سبيل الإنكار لزعمهم ، والتعجيب من جحودهم وتكذيبهم ، وهم موقنون في قرارة نفوسهم أن هذا القرآن فذ وأنه متميز في نظمه وأسلوبه ومستواه ، وأنه ليس له في الكلام نظير ، وقد تحداهم أن يأتوا ببعض من مثله فما استطاعوا .

قوله : { بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } أضرب عن إنكارهم وزعمهم الفاسد ، إلى الإعلان الجازم بأنه الحق المنزل من عند الله ، فهو ليس من لدن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا في مقدور بشر أن يضاهيه أو يصطنع مثله .

قوله : { لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ } { نَّذِيرٍ } ، من الإنذار وهو التحذير والتخويف في الإبلاغ{[3670]} .

يعني أنزل الله إليك هذا القرآن لتبلغ هؤلاء الذين لم يأتهم قبل ذلك أحد من الرسل ، وهم أهل الفترة ، فتحذرهم بأس الله وتخوفهم من عذابه الأليم .

قوله : { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } أي يثوبون إلى ربهم فيعبدونه وحده ، ويحجمون عن عبادة غيره من الأصنام ومختلف الأنداد . والمراد بقوله : { لَعَلَّهُمْ } الترجي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهو يرجو راغبا بشدة أن يهتدي قومه إلى سواء السبيل{[3671]} .


[3670]:القاموس المحيط ص 619.
[3671]:تفسير النسفي ج 3 ص 287.