التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

قوله : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا } { يُمْسِكُ } من الإمساك وهو المنع . نقول : مسك الله الغيث أي حبسه ومنع نزوله{[3878]} و { أن } ، بمعنى كراهة أن ، أو لئلا . والمعنى : أن الله مانع السماوات والأرض من الزوال والاضطراب والتداعي . أو هو سبحانه يمنعهما بقدرته العظيمة من الزوال من أماكنهما { وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ } أي لو زالت السماوات والأرض من أماكنهما ما منعهما من أحد غير الله من ذلك . فليس من أحد سوى الله بقادر على إبقائهما على حالهما من كمال البناء وقوة التماسك .

قوله : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } لا يعاجل الله الكافرين بالعقوبة بما فعلوه من كفر وعصيان وبما قالوه من شرك عظيم . فإن ما قالوه من الشرك كاتخاذ الآلهة والأنداد مع الله ونسبة الولد له والصاحبة ، كل ذلك تكاد السماوات يتفطرن منه أو تزول من أماكنها بسببه أو تخِرَّ به الجبال انهدادا أو تنشق الأرض انشقاقا ، لكن الله بحلمه ومغفرته منعهما من ذلك{[3879]} .


[3878]:المصباح المنير ج 2 ص 238
[3879]:الكشاف ج 3 ص 312 وتفسير القرطبي ج 14 ص 356