المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

ثم قال : { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا } وكفى بها زوالاً أن تدور ، ولو دارت لكانت قد زالت ، وقوله { ولئن زالتا } قيل أراد يوم القيامة عند طي السماء ونسف الجبال ، فكأنه قال ولئن جاء وقت زوالهما ، وقيل بل ذلك على جهة التوهم والفرض ، ولئن فرضنا زوالهما فكأنه قال ولو زالتا ، وقال بعضهم { لئن } في هذا الموضع بمعنى لو .

قال القاضي أبو محمد : وهذا قريب من الذي قبله ، وقرأ ابن أبي عبلة «ولو زالتا » وقوله { من بعده } فيه حذف مضاف تقديره من بعد تركه الإمساك ، وقالت فرقة : اتصافه بالحلم والغفران في هذه الآية إنما هو إشارة إلى أن السماء كادت تزول والأرض كذلك لإشراك الكفرة فيمسكهما الله حلماً منه عن المشركين وتربصاً ليغفر لمن آمن منهم ، كما قال في آية أخرى { تكاد السماوات يتفطرن }الآية{[9749]} [ مريم : 90 ] [ الشورى : 5 ] .


[9749]:من الآية(90) من سورة (مريم)، وقد حكى القرطبي عن الكلبي قال: لما قالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن اله، كادت السماوات واٍض أن تزولا عن أمكنتهما، فمنعهما الله، وأنزل هذه الآية:{لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا}.