فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

{ إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ أَن تَزُولاَ } أي يمنعهما من الزوال قاله الزجاج أو كراهة أن تزولا وقيل لئلا تزولا ، والجملة مستأنفة لبيان قدرة الله سبحانه وبديع صنعه بعد بيان ضعف الأصنام وعدم قدرتها على شيء ، وقيل : المعنى أن شركهم يقتضي زوال السموات والأرض كقوله : { تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا } .

وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : ( قال وقع في قلب موسى هل ينام الله عز وجل ؟ فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا وأعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه تلقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى حتى نام نومة فاصطفقت يداه وانكسرت القارورتان . قال ضرب الله له مثلا : إن الله تبارك وتعالى لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض ) أخرجه أبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي في الأسماء والصفات وغيرهم وروي من طرق عن ابن سلام وابن أبي بردة .

{ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } أي ما أمسكهما أحد من بعد إمساكه أو من بعد زوالهما ، والجملة سادة مسد جواب القسم والشرط ومن الأولى زائدة والثانية ابتدائية . قال الفراء أي ولو زالتا ما أمسكهما من أحد ، قال وهو مثل قوله : { ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون } ، وقيل : المراد زوالهما يوم القيامة { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } تعليل لما قبله من إمساكه تعالى السموات والأرض .