الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

ثم قال : { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا } أي : لئلا تزولا عن مكانهما .

{ ولئن زالتا } قال الفراء : " لئن " بمعنى لو {[56278]} .

والمعنى : ولو زالتا وحسن ذلك عنده لأن : ( لئن ولو ) تجابان ، بجواب واحد فشبيهتان في المعنى .

قال قتادة : " أن تزولا " أي : من مكانهما {[56279]} .

وروي أن رجلا جاء إلى عبد الله ، فقال له : من أين جئت ؟ فقال من الشام ، فقال : من لقيت ؟ قال : لقيت كعبا ، قال : ما حدثك كعب ؟ قال : حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك ، قال : فصدقته أو كذبته ؟ قال : ما صدقته ولا كذبته ، قال لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها ، كذب كعب ، إن الله يقول : { إن الله يمسك السماوات } الآية {[56280]} .

وروي عنه أن الرجل قال له : قال كعب : إن السماء في قطب كقطب الرحى ، [ والقطب عمود ] {[56281]} ، والعمود على منكب ملك {[56282]} .

وقيل : إن المعنى أن النصارى لما قالت : إن المسيح ابن الله ، وقالت اليهود عزير ابن الله كادت السماوات أن تنفطر ، وكادت الجبال أن تزول وكادت الأرض أن تنشق ، فأمسك الله جل ذكره ذلك حلما منه وأناة {[56283]} وتفضلا وهو قوله تعالى : { يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا } {[56284]} .

وقوله جل ذكره : { ولئن زالتا } يعني به يوم القيامة لأنها تزول فيه . س

وقيل : إن المعنى : لو وقع هذا ، على ما ذكرنا عن الفراء {[56285]} .

ثم قال : { إنه كان حليما غفورا } أي : حليما عن من عصاه أن يعالجه بالعقوبة ، فإمساكه السماوات والأرض والجبال عند قولهم ذلك ، وإضافتهم الولد إليه من حلمه ، غفورا لمن تاب من كفره .


[56278]:انظر: معاني الفراء 2/370 وإعراب النحاس 3/376
[56279]:انظر: جامع البيان 22/144
[56280]:هذه الرواية لأبي وائل. انظرها في جامع البيان 22/144، والجامع للقرطبي 14/357، وتفسير ابن كثير 3/562، وتفسير ابن مسعود2/218
[56281]:تكملة من جامع البيان 22/145 حيث سقطت من الأصل ويقتضيها سياق الكلام
[56282]:انظر: جامع البيان 22/145 والجامع للقرطبي 14/357
[56283]:جاء في اللسان مادة "أني" 14/48 "الأناة والأنى: الحلم والوقار"
[56284]:مريم الآيتان 90ـ91
[56285]:انظر: معاني الفراء 2/370