التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (18)

قوله تعالى : { وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ( 18 ) قل أي شيء أكبر شهدة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني برئ مما تشركون } .

الله جل شأنه الغالب على أمره ، القادر على كل شيء ، إنه في عليائه وملكوته قد دانت له الرقاب واستسلمت له الجباه والنواصي وتضاءلت أمام جبروته همم الأعاظم من الرؤساء والملوك والجبابرة ، وهبطت من خشيته العوالم والمخاليق إحساسا بالذل والهوان والصغار أمام عظمته البالغة المطلقة . فقال سبحانه : { وهو القاهر فوق عباده } القاهر ، من القهر وهو الغلبة . والقاهر الغالب{[1132]} . وفوق عباده ، من الفوقية المعنوية لا المادية أي فوقية الاستعلاء وليس المكان . فالله تعالى هو الغالب المستعلي على العباد ، المستذل لهم بكبريائه وعظمته . وما الخلائق بين يديه إلا مقهورة ذليلة تستشعر أقصى غايات البساطة والصغار .

قوله : { وهو الحكيم الخبير } الله تعالى حكيم في تدبيره وفي تصرفه في الكون . فيفعل ما يشاء عن علم بالغ وقدرة قاهرة ظاهرة . فما يصدر عنه من فعل ولا حكم ولا تقدير إلا عن حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه والراسخون في العلم . وهو كذلك خبير بأقوال العباد وأفعالهم وأحوالهم . بل إنه خبير بكل ما يجري في الكون من الحوادث والأمور .


[1132]:- القاموس المحيط ص 600.