جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (18)

{ وهو القاهر فوق{[1370]} عباده } : قهره استعلى عليهم فهم تحت تسخيره ، { وهو الحكيم } : في أمره ، { الخبير } : بخفايا العباد .


[1370]:قوله: (فوق) إلخ، ومثله قوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) (النحل: 50)، وقوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح) (المعارج: 4)، إلى غير ذلك من الآيات التي دلت على فوقية الله تعالى، وعلوه على خلقه قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية –قدس الله روحه– في العقيدة الحموية: فهذا كتاب الله تعالى من أوله إلى آخره وسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم– من أولها إلى آخرها ثم عامة كلام الصحابة والتابعين ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى فوق السماء، وفوق كل شيء، وعلا كل شيء وأنه فوق العرش، وأنه فوق السماء مثل قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) (فاطر: 10)، وقوله تعالى: (إني متوفيك ورافعك إلي) (آل عمران: 55)، وقوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا) (الملك: 16-17)، وقوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه) (المعارج: 4)، وقوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه) (السجدة: 5)، وقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) (النحل: 50) وقوله تعالى: (ثم استوى على العرش) (البقرة: 29)، في سبعة مواضع: (الرحمن على العرش استوى) (طه: 5)، (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) (غافر: 36-37)، (تنزيل من حكيم حميد) (فصلت: 42)، (منزل من ربك) (الأنعام: 114)، إلى أمثال ذلك مما لا يكاد يحصى إلا بتكلف، وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصى مثل قصة معراج الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه، ونزول الملائكة من عند ربهم وصعودها إليه إلى أن قال: وقوله في أحاديث الأوعال (والعرش فوق ذلك)، والله فوق عرشه وهو تعليم ما أنتم عليه، وذكر رحمه الله الأحاديث، وأقوال الصحابة إلى أن قال: إلى أمثال ذلك مما ر يحصيه إلا الله تعالى مما هو من أبلغ التواترات اللفظية والمعنوية التي تورث علما يقينا من أبلغ العلم الضروري أن الرسول المبلغ عن الله تعالى ألقى إلى أمته المدعوين أن الله سبحانه على العرش وأنه فوق السماء كما فطر الله تعالى على ذلك جميع الأمم عربهم وعجمهم في الجاهلية، والإسلام إلا من اجتالتهم الشياطين عن فطرته، ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين ألوفا، وليس في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من سلف الأمة من الصحابة والتابعين ولا عن أئمة الدين الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك لا نصا ولا ظاهرا ولم يقل أحد منهم قط إن الله ليس في السماء ولا أنه ليس على العرش ولا أنه في كل مكان ولا أن الأمكنة بالنسبة إليه سواء ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها. انتهى قاله شيخ الإسلام ملخصا/12.