التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قَالَ ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ} (24)

قوله : { قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو } يخاطب الله آدم وحواء وذريتهما أو أن المخاطب آدم وزوجه وإبليس . وهو الأولى ، لظاهر العداوة المتأصلة بين بني آدم وإبليس . فقد أمرهم الله جميعا بالهبوط من الجنة إلى الأرض كيما يعيشوا فيها جيلا بعد جيل ، وأمة إثر أمة طيلة هذه الدنيا { بعضكم لبعض عدو } في موضع نصب على الحال . أي أن العداوة ثابتة ومركوزة ومستقرة بين ذرية آدم وجنود إبليس فلا تزول البتة . الصراع بينهم دائم ومستمر فلا ينقطع ولا يفتر حتى تزول هذه الدنيا . وذلكم هو الصراع بين الحق والباطل ، أو بين الخير والشر . صراع محتدم وحرور لا يفنى ولا يتبدد . ولسوف يظل أهل الحق يكابدون بسببه أشد المكابدة ويلاقون على الطريق من أجله كل ظواهر العدوان والشر والعنت مما يكيده لهم إبليس وأتباعه وجنوده من مختلف ألوان التآمر والتأليب والمكر . ولسوف تبقى الحال بالمسلمين الداعين إلى الله على هذه الحال من احتدام الصراع واشتداد القراع ومرارة الاحتمال والتصدي حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

قوله : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } المستقر موضع الاستقرار أي لكم قرار في الأرض تستقرونه ، وفراش تمتهدونه في حياتكم وبعد مماتكم حتى تقوم الساعة حيث الحساب والجزاء . أما المراد بالمتاع إلى حين فهو استمتاعهم في حياتهم إلى انقطاع الدنيا{[1359]} .


[1359]:روح المعاني جـ 8 ص 101، وتفسير الطبري جـ 8 ص 107، 108 وتفسير الرازي جـ 14 ص 52.