التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا} (69)

جملة : { يضاعف له العذاب } بدلُ اشتمال من { يلق أثاماً } ، وإبدال الفعل من الفعل إبدال جملة فإن كان في الجملة فعل قابلٌ للإعراب ظهر إعراب المحل في ذلك الفعل لأنه عِماد الجملة . وجُعل الجزاء مضاعفة العذاب والخلود .

فأما مضاعفة العذاب فهي أن يعذّب على كل جُرم مما ذكر عذاباً مناسباً ولا يكتفَى بالعذاب الأكبر عن أكبر الجرائم وهو الشرك ، تنبيهاً على أن الشرك لا ينجي صاحبه من تبعة ما يقترفه من الجرائم والمفاسد ، وذلك لأن دعوة الإسلام للناس جاءت بالإقلاع عن الشرك وعن المفاسد كلها . وهذا معنى قول من قال من العلماء بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة يَعنون خطاب المؤاخذة على ما نُهوا عن ارتكابه ، وليس المراد أنهم يُطلب منهم العمل إذ لا تقبل منهم الصالحات بدون الإيمان ، ولذلك رام بعض أهل الأصول تخصيص الخلاف بخطاب التكليف لا الاتلاف والجنايات وخطاب الوضع كله .

وأما الخلود في العذاب فقد اقتضاه الإشراك .

وقوله : { مهاناً } حال قصد منها تشنيع حالهم في الآخرة ، أي يعذّب ويُهان إهانة زائدة على إهانة التعذيب بأن يشتم ويحقر .

وقرأ الجمهور : { يضاعفْ } بألف بعد الضاد وبجزم الفعل . وقرأه ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقُوب { يضعَّف } بتشديد العين وبالجزم . وقرأه ابن عامر وأبو بكر عن عاصم { يضاعفُ } بألف بعد الضاد وبرفع الفعل على أنه استئناف بياني .