تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا} (69)

[ الآية 69 ] وقوله تعالى : { يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } إن{[14559]} قيل : أخبر ههنا أنه يضاعف له العذاب ، وقال في آية أخرى { من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها } [ غافر : 40 ]فما معنى الضعف ههنا ؟

قيل : يحتمل [ وجوها :

أحدهما : ]{[14560]} أنه يضاعف العذاب للذين تقدم ذكرهم : إذا كفروا بالله بعد ما بلغوا المبلغ الذي وصفهم والرتبة التي ذكر ، وهو قوله : { وعباد الرحمن } [ الفرقان : 63 ] أن واحدا منهم ، إذا كفر { يضاعف له العذاب } يتضاعف عذابه على قدر منزلته ومرتبته عند الله وعلى قدر نعم الله عليه إذا كان منه عصيان وكفران لذلك ؛ وهو كما قال لرسوله{[14561]} صلى الله عليه وسلم : { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا } { إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات } [ الإسراء : 74 و75 ] أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات ، وما ذكر لأزواجه حين{[14562]} قال : { يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبنية يضاعف لها العذاب ضعفين } [ الأحزاب : 30 ] .

كل من كان أعظم قدرا وأكثر نعما عليه فعقوبته إذا عصى ربه أكثر وأشد من الذي لم يبلغ ذلك ولا تلك الرتبة{[14563]} ، فتكون ضعف غيره وجزاء مثله .

والثاني : أن يكون ذلك للأئمة ؛ أعني الكفرة والرؤساء دون الأتباع لأنهم عملوا هم بأنفسهم ، ودعوا غيرهم إلى ذلك كقوله : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } [ العنكبوت : 13 ] .

والثالث{[14564]} : أن يكن ذلك [ للعناد ]{[14565]} الذي كان منهم والمكابرة .


[14559]:- في الأصل وم: فإن.
[14560]:- في الأصل وم: وجهين أحدهما.
[14561]:- في الأصل وم: لرسول الله.
[14562]:- في الأصل وم: حيث.
[14563]:- في الأصل وم: الزينة.
[14564]:- في الأصل وم: أو.
[14565]:- في الأصل وم: لهم المعتاد.