المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{۞وَيَسۡتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ قُلۡ إِي وَرَبِّيٓ إِنَّهُۥ لَحَقّٞۖ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (53)

وقوله { ويسألونك } معناه : يستخبرونك ، وهي على هذا تتعدى إلى مفعولين : أحدهما الكاف ، والآخر في الابتداء والخبر ، وقيل هي بمعنى يستعلمونك ، فهي على هذا تحتاج إلى مفعولين ثلاثة : أحدها الكاف ، والابتداء والخبر يسد مسد المفعولين{[6136]} ، و { أحق هو } قيل الإشارة إلى الشرع والقرآن ، وقيل : إلى الوعيد وهو الأظهر ، وقرأ الأعمش «الحق هو » بمدة وبلام التعريف{[6137]} ، وقوله { إي } ، هي لفظة تتقدم القسم وهي بمعنى «نعم » ويجيء بعدها حرف القسم وقد لا يجيء ، تقول : { إي وربي } وإي ربي { معجزين } معناه مفلتين ، وهذا الفعل أصله تعدية عجز لكن كثر فيه حذف المفعول حتى قالت العرب : أعجز فلان ، إذا ذهب في الأرض فلم يقدر عليه .


[6136]:- الأصل أن (استنبأ) يتعدى إلى مفعولين أحدهما بعن تقول: استنبأت زيدا عن عمرو، والظاهر أنها معلّقة عن المفعول الثاني، ولا يلزم من كونها بمعنى (يستعملونك) أنها تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل لأن (استعلم) لا يتعدى هو إلى ثلاثة مفاعيل فأولى بذلك ما كان بمعناه.
[6137]:- قال أبو الفتح تعليقا على هذه القراءة: "إن الأجناس تتساوى فائدتها معرفتها ونكرتها في نحو هذا، تقول: ثق بأمان من الله، وثق بالأمان من الله، وهذا حق، وهذا الحق، وهذا صدق، وهذا الصدق، ومنه قولهم: خرجت فإذا بالباب أسد، وإذا بالباب الأسد، المعنى واحد ووضع اللفظ مختلف، وسبب ذلك كون الموضع جنسا". (المحتسب2/ 313).