فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَيَسۡتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ قُلۡ إِي وَرَبِّيٓ إِنَّهُۥ لَحَقّٞۖ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (53)

ثم حكى الله سبحانه عنهم بعد هذا البيانات البالغة والجوابات عن أقوالهم الباطلة إنهم استفهموا تارة أخرى عن تحقق العذاب فقال { ويستنبئونك } أي يستخبرونك على جهة الاستهزاء منهم والإنكار { أحق هو } أي ما تعدنا به من العذاب في العاجل والآجل وهذا السؤال منهم جهل محض وظلمات بعضها فوق بعض ، فقد تقدم ذكره عنهم مع الجواب عليه ، فصنيعهم في هذا التكرير صنيع من لا يعقل ما يقول ولا ما يقال له .

وقيل المراد بهذا الإستخبار منهم هو عن حقية القرآن .

{ قل } أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم في جواب استفهامهم الخارج مخرج الاستهزاء ، أي قل لهم يا محمد غير ملتفت على ما هو مقصودهم من الاستهزاء ، { أي } أي نعم { وربي إنه } أي أن ما أعدكم به من العذاب { لحق } ثابت لا محالة .

وفي هذا الجواب تأكيد من وجوه { الأول } القسم مع دخول الحرف الخاص بالقسم الواقع موقع نعم ، { الثاني } دخول إن المؤكدة { الثالث } اللام في لحق { الرابع } اسمية الجملة وذلك يدل على أنهم قد بلغوا في الإنكار والتمرد إلى الغاية التي ليس وراءها غاية .

ثم توعدهم بأشد توعد ورهبهم بأعظم ترهيب فقال { وما أنتم بمعجزين } أي فائتين العذاب بالهرب والتحيل الذي لا ينفع والمكابرة التي لا تدفع من قضاء الله شيئا بل هو مدرككم ولا بد وهذه الجملة إما معطوفة على جملة جواب القسم أو مستأنفة لبيان عدم خلوصهم عن عذاب الله بوجه من الوجوه .