ثم حكى الله سبحانه عنهم بعد هذه البيانات البالغة ، والجوابات عن أقوالهم الباطلة : أنهم استفهموا تارة أخرى عن تحقق العذاب ، فقال : { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ } أي : يستخبرونك عن جهة الاستهزاء منهم والإنكار ، أحق ما تعدنا به من العذاب في العاجل والآجل ، وهذا السؤال منهم جهل محض . وظلمات بعضها فوق بعض ، فقد تقدّم ذكره عنهم مع الجواب عليه ، فصنيعهم في هذا التكرير صنيع من لا يعقل ما يقول ، ولا يقال له ؛ وقيل : المراد بهذا الاستخبار منهم هو : عن حقية القرآن ، وارتفاع حق على أنه خبر مقدّم . والمبتدأ هو الضمير الذي بعده ، وتقديم الخبر للاهتمام ، أو هو مبتدأ ، والضمير مرتفع به سادّ مسدّ الخبر ، والجملة في موضع نصب بيستنبئونك ، وقرئ «آلحق هو » على أن اللام للجنس ، فكأنه قيل : أهو الحق لا الباطل .
قوله : { قُلْ إِي وَرَبّي إِنَّهُ لَحَق } أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذه المقالة جواباً عن استفهامهم الخارج مخرج الاستهزاء ، أي قل لهم يا محمد غير ملتفت إلى ما هو مقصودهم من الاستهزاء : { إي وربي إنه لحق } ، أي نعم ، وربي إن ما أعدّكم به من العذاب لحق ثابت كائن لا محالة .
وفي هذا الجواب تأكيد من وجوه : الأوّل : القسم مع دخول الحرف الخاص بالقسم الواقع موقع نعم . الثاني : دخول إن المؤكدة ؛ الثالث : اللام في لحق ؛ الرابع : إسمية الجملة ، وذلك يدلّ على أنهم قد بلغوا في الإنكار والتمرّد إلى الغاية التي ليست وراءها غاية ، ثم توعدهم بأشدّ توعد ، ورهبهم بأعظم ترهيب ، فقال : { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } أي : فائتين العذاب بالهرب والتحيل الذي لا ينفع ، والمكابرة التي لا تدفع من قضاء الله شيئاً ، وهذه الجملة إما معطوفة على جملة جواب القسم ، أو مستأنفة لبيان عدم خلوصهم من عذاب الله بوجه من الوجوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.