معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (40)

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب قال الناس : إن محمداً تزوج امرأة ابنه فأنزل الله عز وجل{ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } يعني : زيد بن حارثة ، أي : ليس أبا أحد من رجالكم الذين لم يلدهم فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها . فإن قيل : أليس إنه كان له أبناء : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، وإبراهيم ، كذلك : الحسن والحسين ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحسن : " إن ابني هذا سيد " قيل : هؤلاء كانوا صغاراً لم يكونوا رجالاً . والصحيح ما قلنا : إنه أراد أبا أحد من رجالكم الذين لم يلدهم { ولكن رسول الله وخاتم النبيين } ختم الله به النبوة ، وقرأ ابن عامر وعاصم : خاتم بفتح التاء على الاسم ، أي : آخرهم ، وقرأ الآخرون بكسر التاء على الفاعل ، لأنه ختم به النبيين فهو خاتمهم . قال ابن عباس : يريد لو لم أختم به النبيين لجعلت له ابناً يكون بعده نبياً . وروي عن عطاء عن ابن عباس : أن الله تعالى لما حكم أن لا نبي بعده لم يعطه ولداً ذكراً يصير رجلاً ، { وكان الله بكل شيء عليماً } .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنبأنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد الخذاشاهي ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الجوربدي ، أنبأنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن زيد ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة قال : كان أبو هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه ، ترك منه موضع لبنة فطاف به النطار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة لا يعيبون سواها فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة ، ختم بي البنيان وختم بي الرسل " .

أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أنبأنا علي بن أحمد الخزاعي ، أنبأنا الهيثم بن كليب الشاشي ، أنبأنا أبو عيسى الترمذي ، أنبأنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، وغير واحد قالوا ، أنبأنا سفيان عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لي أسماء أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب " . العاقب الذي ليس بعده نبي .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (40)

قوله تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } ذلك إخبار من الله جل جلاله أنه لم يكن أبا لزيد بن حارثة ولا لأحد من الرجال المعاصرين .

وإنه صلى الله عليه وسلم له ولد ذكر حتى بلغ الحلم ؛ فقد ولد له القاسم والطيب والطاهر من خديجة ( رضي الله عنها ) فماتوا صغارا وولد لهم إبراهيم من مارية القبطية فمات كذلك رضيعا . وكان له من خديجة أربع بنات ، هن : زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن أجمعين .

قوله : { وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } { رَسُولَ } ، منصوب على أنه خبر كان مقدرة ، وتقديره : ولكن كان محمد رسول الله . ومن قرأه بالرفع جعله خبرا لمبتدأ محذوف وتقديره ، هو رسول الله{[3751]} وهذه الآية تدل بالقطع على أنه لا نبي بعد رسول الله محمد الله صلى الله عليه وسلم فهو خاتم النبيين والمرسلين . وفي ذلك أخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي " فشق ذلك على الناس فقال : " ولكن المبشرات " قالوا : يا رسول الله وما المبشرات ؟ قال " رؤيا الرجل المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة " وغير ذلك من الأخبار كثير في نفي النبوة بعد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم .

قوله : { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } أحاط الله بكل شيء علما . ومن جملة ذلك هذه الأخبار والأحكام التي بينها لعباده .


[3751]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 270