معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الصافات مكية وآياتها ثنتان وثمانون ومائة .

قوله تعالى : { والصافات صفا } قال ابن عباس رضي الله عنهما ، والحسن ، وقتادة : هم الملائكة في السماء يصفون كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة .

أخبرنا عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أنبأنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، أخبرنا أبو علي محمد بن العلاء ، أخبرنا أحمد اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا زهير قال : سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر عن سمرة في الصفوف المقدمة فحدثنا عن المسيب بن رافع بن طرفة عن جابر عن سمرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ؟ قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال : يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف " وقيل : هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله تعالى بما يريده . وقيل : هي الطيور ، دليله قوله تعالى : { والطير صافات } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية ، وفيها من ألوان التحذير والتنذير والتخويف ما فيها . وكذلك من صور التنبيه والتنديد والزجر ما يهيج الحس والوجدان ويستديم الحذر والوجل مما هو قادم ومنتظر .

والسورة مبدوءة بالقسم العظيم من الله ذي الجبروت ، بالصافات وهي الملائكة المصطفة للصلاة ، الزاجرات عن المعاصي ، على أن الله واحد لا شريك له ، وهو سبحانه رب كل شيء وخالقه وموجده .

وفي السورة تنديد بالمشركين المكذبين الذين يستسخرون من آيات الله ويتخذونها هزوا ، أولئك قد أعدَّ الله لهم سوء العذاب يوم القيامة ؛ حيث النار اللاهبة المستعرة ، وحيث الزّقوم ، ذلكم الطعام الخبيث المسموم ، طعام الآثمين الخاسرين .

وفي السورة ذكر مقتضب لبعض المرسلين ، ومن أظهرهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ؛ إذ رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل عليه السلام فاستجاب الولد الزكي البارُّ الطهور لأمر ربه ولم يتردد ، فلما تلَّه للجبين وأراد أن يذبحه فداه الله بذبْحٍ عظيم .

وفيها قصة يونس عليه السلام الذي تولى عن قومه مُغاضبا فيمم شطر البحر فركب السفينة مع طائفة من الناس فقارعهم فكان من المغلوبين في القرعة فالتقمه الحوت عقيب إلقائه في البحر .

إلى غير ذلك من الأخبار والمواعظ والقصص .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى : { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ( 1 ) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ( 2 ) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ( 3 ) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ( 4 ) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ( 5 ) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ( 6 ) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ( 7 ) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ( 8 ) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ( 9 ) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } .

أقسم الله بالصافات وهي الملائكة تصف أقدامها في الصلاة ، وقيل : تصف أجنحتها في الهواء تنتظر الأمر من الله و { صفًّا } مصدر مؤكد .