معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ} (39)

قوله تعالى :{ قال عفريت من الجن } وهو المارد القوي ، قال وهب : اسمه كوذي ، وقيل : ذكوان ، قال ابن عباس : العفريت الداهية . وقال الضحاك : هو الخبيث . وقال الربيع : الغليظ ، قال الفراء : القوي الشديد ، وقيل : هو صخرة الجني ، وكان بمنزلة جبل يضع قدمه عند منتهى طرفه ، { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك } أي : من مجلسك الذي تقضي فيه ، قال ابن عباس : وكان له كل غداة مجلس يقضي فيه إلى متسع النهار ، { وإني عليه } أي : على حمله ، { لقوي أمين } على ما فيه من الجواهر ، فقال سليمان : أريد أسرع من هذا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ} (39)

والتاء في { عفريت } زائدة ، وقد قالوا تعفرت الرجل إذا تخلق بخلق الإذاية ، قال وهب بن منبه اسم هذا العفريت كودا ، وروي عن ابن عباس أنه صخر الجني ومن هذا الاسم قول ذي الرمة : [ البسيط ]

كأنه كوكب في إثر عفرية . . . مصوب في سواد الليل منقضب{[9023]}

وقوله { قبل أن تقوم من مقامك } قال مجاهد وقتادة وابن منبه معناه قبل قيامك من مجلس الحكم ، وكان يجلس من الصبح إلى وقت الظهر في كل يوم ، وقيل معناه فبل أن تستوي من جلوسك قائماً .


[9023]:البيت في وصف ثور وحشي، ورواية الديوان: (مسوم) بدلا من (مصوب)، ومنقضب: منقطع، يقال: انقضب الكوكب من مكانه انقطع وانقض فهو منقضب، يقول: كأن الثور كوكب مصوب منقض في إثر عفرية في سواد الليل، والبيت في اللسان بلفظ (مسوم) أيضا.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ} (39)

وقوله : { آتيك } يجوز أن يكون فعلاً مضارعاً من أتى ، وأن يكون اسم فاعل منه ، والباء على الاحتمالين للتعدية . ولمّا علم سليمان بأنها ستحضر عنده أراد أن يبهتها بإحضار عرشها الذي تفتخر به وتعده نادرة الدنيا ، فخاطب ملأه ليظهر منهم منتهى علمهم وقوتهم . فالباء في { بعرشها } كالباء في قوله : { فلنأتينّهم بجنود } [ النمل : 37 ] تحتمل الوجهين .

وجملة : { قال يا أيها الملؤا } مستأنفة ابتداء لجزء من قصة . وجملة : { قال عفريت } واقعة موقع جواب المحاورة ففصلت على أسلوب المحاورات كما تقدم غير مرة . وجملة : { قال الذي عنده علم من الكتاب } أيضاً جواب محاورة .

ومعنى { عفريت } حسبما يستخلص من مختلف كلمات أهل اللغة أنه اسم للشديد الذي لا يصاب ولا ينال ، فهو يُتَّقى لشَره . وأصله اسم لعُتاة الجن ، ويوصف به الناس على معنى التشبيه .