روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ} (39)

{ قَالَ عِفْرِيتٌ } أي خبيث مارد { مّن الجن } بيان له إذ يقال للرجل الخبيث المنكر الذي يعفر أقرانه ، وقرأ أبو حيوة { عِفْرِيتٌ } بفتح العين . وقرأ أبو رجاء . وأبو السمال . وعيسى ورويت عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه { عفرية } بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء بعدها ياء مفتوحة بعدها تاء التأنيث ، وقال ذو الرمة :

كأنه كوكب في أثر عفرية *** مصوب في سواد الليل منقضب

وقرأ فرقة { *عفر } بلا ياء ولا تاء ويقال في لغة طيء وتميم : عفراة بألف بعدها تاء التأنيث ، وفيه لغة سادسة عفارية ؛ وتاء عفريت زائدة للمبالغة في المشهور . وفي النهاية الياء في عفرية وعفارية للإلحاق بشرذمة وعذافرة والهاء فيهما للمبالغة والتاء في عفريت للإلحاق بقنديل اه . واسم هذا العفريت على ما أخرج ابن جرير . وابن المنذر . وابن أبي حاتم عن ابن عباس صخر .

وأخرج ابن أبي حاتم . وابن جرير عن شعيب الجبائي أن اسمه كوزن . وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان أن اسمه كوزي . وقيل : اسمه ذكوان { الجن أَنَاْ ءاتِيكَ بِهِ } أي بعرشها ، وآتي يحتمل أن يكون مضارعاً وأن يكون اسم فاعل . قيل : وهو الأنسب بمقام ادعاء الإتيان به في المدة المذكورة في قوله تعالى : { قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } أي من مجلسك الذي تجلس فيه للحكومة وكان عليه السلام يجلس من الصبح إلى الظهر في كل يوم قاله قتادة . ومجاهد . ووهب . وزهير بن محمد . وقيل : أي قبل أن تستوي من جلوسك قائماً { وَإِنّى عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ } لا يثقل على حمله . والقوة صفة تصدر عنها الأفعال الشاقة ويطيق بها من قامت به لتحمل الأجرام العظيمة ولذا اختير قوي على قادر هنا ، وظاهر كلام بعضهم أن في الكلام حذفاً فمنهم من قال : أي على حمله ومنهم قال : أي على الإتيان به ، ورجح الثاني بالتبادر نظراً إلى أول الكلام . والأول بأنه أنسب بقوله لقوي { أَمِينٌ } لا أقتطع منه شيئاً ولا أبدله .