فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ} (39)

{ قَالَ عِفْرِيتٌ مّن الجن أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } قرأ الجمهور بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء وسكون المثناة التحتية وبالتاء ، وقرأ أبو رجاء وعيسى الثقفي وابن السميفع ، وأبو السمال : " عفريه " بفتح التحتية بعدها تاء تأنيث منقلبة هاء رويت هذه القراءة عن أبي بكر الصديق . وقرأ أبو حيان بفتح العين . والعفريت : المارد الغليظ الشديد . قال النحاس : يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء : عفر وعفريه وعفريت . وقال قتادة : هو الداهية ، وقيل : هو رئيس الجنّ . قال ابن عطية : وقرأت فرقة : " فر " بكسر العين جمعه على عفار ، ومما ورد من أشعار العرب مطابقاً لقراءة الجمهور ما أنشده الكسائي :

فقال شيطان لهم عفريت *** ما لكم مكث ولا تبييت

ومما ورد على القراءة الثانية قول ذي الرمة :

كأنه كوكب في إثر عفرية *** مصوّب في سواد الليل منقضب

ومعنى قول العفريت : أنه سيأتي بالعرش إلى سليمان قبل أن يقوم من مجلسه الذي يجلس فيه للحكومة بين الناس { وَإِنّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } إني لقويّ على حمله أمين على ما فيه . قيل اسم هذا العفريت : كودن ذكره النحاس عن وهب بن منبه ، وقال السهيلي : ذكوان . وقيل : اسمه دعوان ، وقيل : صخر . وقوله : { ءَاتِيكَ } فعل مضارع ، وأصله أأتيك بهمزتين ، فأبدلت الثانية ألفاً . وقيل هو اسم فاعل .

/خ40