قوله تعالى : { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً } . نزلت في ثقيف ، وخزاعة ، وعامر بن صعصعة ، وبني مدلج ، فيما حرموا على أنفسهم من الحرث ، والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، فالحلال ما أحله الشرع ( طيباً ) ، قيل : ما يستطاب ويستلذ ، والمسلم يستطيب الحلال ويخاف الحرام ، وقيل الطيب الطاهر .
قوله تعالى : { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } . قرأ أبو جعفر وابن عامر والكسائي وحفص ويعقوب بضم الطاء والباقون بسكونها ، وخطوات الشيطان آثاره وزلاته ، وقيل هي النذر في المعاصي . وقال أبو عبيدة : هي المحقرات من الذنوب . وقال الزجاج : طرقه .
قوله تعالى : { إنه لكم عدو مبين } . بين العداوة وقيل مظهر العداوة ، وقد أظهر عداوته بإبائه السجود لآدم وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة . وأبان يكون لازما ومتعديا ثم ذكر عداوته فقال : { إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ( 168 )
الخطاب عام و { ما } بمعنى الذي ، و { حلالاً } حال من الضمير العائد على { ما } ، وقال مكي : نعت لمفعول محذوف تقديره شيئاً حلالاً .
قال القاضي أبو محمد : وهذا يبعد( {[1531]} ) ، وكذلك مقصد الكلام لا يعطي أن يكون { حلالاً } مفعولاً ب { كلوا } وتأمل ، و { طيباً } نعت ، ويصح أن يكون { طيباً } حالاً من الضمير في { كلوا } تقديره مستطيبين( {[1532]} ) ، والطيب عند مالك : الحلال ، فهو هنا تأكيد لاختلاف اللفظ ، وهو عند الشافعي : المستلذ( {[1533]} ) ، ولذلك يمنع أكل الحيوان القذر وكل ما هو خبيث ، و { خطوات } جمع خطوة وهي ما بين القدمين في المشي ، فالمعنى النهي عن اتباع الشيطان وسلوك سبله وطرائقه ، قال ابن عباس : خطواته أعماله ، قال غيره : آثاره( {[1534]} ) ، قال مجاهد : خطاياه ، قال أبو مجلز( {[1535]} ) : هي النذور والمعاصي ، قال الحسن : نزلت فيما سنوه من البحيرة والسائبة ونحوه ، قال النقاش : نزلت في ثقيف وخزاعة وبني الحارث بن كعب( {[1536]} ) .
وقرأ ابن عامر والكسائي «خطوات » بضم الخاء والطاء ، ورويت عن عاصم وابن كثير بخلاف ، وقرأ الباقون بسكون الطاء ، فإما أرادوا ضم الخاء والطاء وخففوها إذ هو الباب في جمع فعلة كغرفة وغرفات ، وإما أنهم تركوها في الجمع على سكونها في المفرد ، وقرأ أبو السمال «خَطَوات » بفتح الخاء والطاء وروي عن علي بن أبي طالب وقتادة والأعمش وسلام ( {[1537]} )«خطؤات » بضم الخاء والطاء وهمزة على الواو ، وذهب بهذه القراءة إلى أنها جمع خطأة من الخطأ لا من الخطو . وكل ما عدا السنن والشرائع من البدع والمعاصي فهي خطوات الشيطان ، و { عدو } يقع للمفرد والتثنية والجمع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.