معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

قوله تعالى : { ويدخلهم الجنة عرفها لهم } أي بين لهم منازلهم في الجنة حتى يهتدوا إلى مساكنهم لا يخطئونها ، ولا يستدلون عليها أحداً كأنهم سكانها منذ خلقوا ، فيكون المؤمن أهدى إلى درجته ، وزوجته وخدمه منه إلى منزله وأهله في الدنيا ، هذا قول أكثر المفسرين .

وروى عطاء عن ابن عباس : { عرفها لهم } أي : طيبها لهم ، من العرف ، وهو الريح الطيبة ، وطعام معرف أي : مطيب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

وروى عباس بن المفضل عن أبي عمرو : «ويدخلهم » بسكون اللام . وفي سورة [ التغابن ] { يوم يجمعكم }{[10354]} [ التغابن : 9 ] وفي سورة [ الإنسان ] { إنما نطعمكم }{[10355]} [ الإنسان : 9 ] بسكون العين والميم .

وقوله تعالى : { عرفها لهم } قال أبو سعيد الخدري وقتادة معناه : بينها لهم ، أي جعلهم يعرفون منازلهم منها ، وفي نحو هذا المعنى هو قول النبي عليه السلام : «لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا »{[10356]} وقالت فرقة معناه : سماها لهم ورسمها ، كل منزل باسم صاحبه ، فهذا نحو من التعريف . وقالت فرقة معناه : شرفها لهم ورفعها وعلاها ، وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها ، ومنه أعراف الخيل . وقال مؤرج وغيره معناه : طيبها مأخوذ من العرف ، ومنه طعام معرف ، أي مطيب . وعرفت القدر : طيبتها بالملح والتوابل .


[10354]:من الآية(9) من سورة (التغابن).
[10355]:من الآية(9) من سورة (الإنسان).
[10356]:في صحيح البخاري ما يدل على صحة هذا الحديث، لكن اللفظ فيه ليس (أعرف) كما ذكر هنا، بل اللفظ فيه(أهدى)، وهو عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يخلص المؤمنون من النار، فيحبون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونُقُّوا أذن لهم في دخول الجنة، فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله في الدنيا)، وقد استدل كل من القرطبي، وابن كثير على صحة هذا الرأي بهذا الحديث.