اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

قوله : { عَرَّفَهَا لَهُمْ } يجوز فيها وجهان :

أحدهما : أن تكون مستأنفة .

والثاني : أن تكون حالاً .

فيجوز أن تضمر «قد » ، وأن لا تضمر{[51250]} ، و«عَرَّفَهَا » من التعرف الذي هو ضد الجَهْل والمعنى أن كل أحد يعرف منزله في الجنة . وقيل : الملك الموكل بأعماله يهديه .

وعن ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[51251]} أنه من العَرْفِ وهو الطيب أي طيِّبهَا لهم{[51252]} .

وقال الزمخشري : يحتمل أن يقال : عرَّفَهَا لهم من عرَّفَ الدَّارَ وأَوْرَثَها{[51253]} أي حددها ، وتحديدها في قوله تعالى : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض } [ آل عمران : 133 ] ، ويحتمل أن يقال : المراد هو قوله تعالى لهم : { وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا } [ الزخرف : 72 ] فيشير إليه معرفاً لهم بأنها هي تلك . وقيل : عرفها لهم وقت القتل ، فإن الشهيد وقت وفاته يُعْرَضُ عليه منزلة في الجنة فيشتاقُ إليه{[51254]} . وقرأ أبو عمرو في رواية ويِّدْخِلْهُمْ بسكون اللام{[51255]} وكذا ميم ويُطْعِمُهُمْ{[51256]} وعين { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } [ النساء : 87 ] كان يستثقل الحركات . وقد تقدم له قراءة بذلك في { يُشْعِرُكُمْ } [ الأنعام : 109 ] و{ يَنصُرْكُمْ } [ محمد : 7 ] وبابه .


[51250]:انظر التبيان 1160.
[51251]:زيادة من (أ).
[51252]:انظر الرازي 28/48 والقرطبي 16/231.
[51253]:كذا في النسختين والأصح كما في الكشاف ونقله عن الرازي: وأرفها.
[51254]:انظر هذه الأوجه في الرازي 28/48 والقرطبي 16/231.
[51255]:لم ترو عنه في المتواتر انظر البحر 8/76.
[51256]:لعله قصد "نطعمكم" من الآية 9 من الإنسان.