فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

{ ويدخلهم الجنة عرفها لهم } الجملة مستأنفة أو حلية بتقدير قد أو بدون تقديرها ، قاله السمين ، أي بينهما لهم حتى عرفوها من غير استدلال ، وذلك أنهم إذا دخلوا الجنة تفرقوا إلى منازلهم ، قال الواحدي : هذا قول عامة المفسرين : وقال الحسن وصف الله لهم الجنة في الدنيا ، فلما دخلوها عرفوها بصفتها ، وقيل : فيه حذف أي عرف طرقها ومساكنها وبيوتها ، وقيل هذا التعريف بدليل يدلهم عليها ، وهو الملك الموكل بالعبد يسير بين يديه ، حتى يدخله منزله ، كذا قال مقاتل .

ويرده حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزلة في الجنة من منزله الذي كان في الدنيا " {[1487]} . رواه البخاري وهذا يدل على صحة القول الأول ، وقيل : { عرفها لهم } أي طيبها بأنواع الملاذ مأخوذ من العرف وهو الرائحة أو المعنى : حددها لهم بحيث يكون لكل واحد جنة مفرزة ، وقيل : عرف أهل السماء أنها لهم ، وقيل : { عرفها لهم } إظهارا لكرامتهم فيها ، وقيل : عرف المطيعون أعمالهم ، والأول أولى ،


[1487]:كذلك رواه الطبراني.